بيت جابر - اليك القصة

بيت جابر - اليك القصة

لما كنت بقول لحد اني عايز وبسعى اني اتواصل مع الجن..
كانوا بيقولوا عليا مجنون ..
بياخدوا كلامي بهزار..
وفيه ناس كانت بتخاف مني وتبعد ..
بس انا فعلاً بسعى لكده ..
عايز اعرف عن حياتهم وعن عالمهم..
التقدم اللي وصلوا ليه..
هل عايشين في عالم بدائي او عالم متقدم ومتطور..
او انهم عايشين معانا في نفس عالمنا ده وبيستخدموا نفس التكنولوجيا اللي وصلنا احنا البشر ليها ..
تقريباً كده جربت حاجات كتير علشان يحصل التواصل ده ..
قعدت مع ناس بيدّعوا انهم ملبوسين..
ناس غيرت صوتها وهي بتكلمني..
ناس مريضة بوساوس قهرية وبتدعي انهم
في تواصل مع الجن..
وناس فعلاً ملبوسة..
نتيجة عشق او صدفة او انتقام..
المرة دي انا رايح الصعيد ..
عند ياسين صاحبي وحبيبي من أيام الجيش ..
حكالي كتير عن بيت مهجور هناك مشهور بالأصوات اللي بتخرج منه وبحالات الاختفاء اللي في شك كبير انه السبب فيها ..
حكالي عن ناس بيوقفوها بعد نص الليل وهي داخلة البيت ده ..
الغريب إن الناس دي بتبقى مش في وعيها ..
ولما بيسألوهم بيقولوا انهم بيشوفوا بيت جميل وناس قريبة منهم وبيحبوهم بينادوا عليهم وهما بيبقوا عايزين يوصلوا للناس دي ..
اللي فهمتوا ان فيه قوة غامضة في البيت ده بتستدعي الناس ..
فيه حالات إختفاء حصلت لشباب وبنات وأطفال..
لكن معظم الناس مبتصدقتش..
لأن حالات الاختفاء دي ليها كذا مبرر ..
زي الهروب أو الخطف أو التوهان مثلاً للأطفال ..
لكن بالرغم من كل ده ..
انا حاسس ان هدفي بالتواصل هيتحقق في البيت ده ..
هي قرية إسمها .......
والا بلاش نقول إسمها على كل حال هي في الصعيد الجواني ..
قرية كل اعتمادها على الزراعة وتجارة المحاصيل..
وصلت هناك عند صديقي ياسين..
ياسين بيقول
إن البيت ده بناه واحد اسمه جابر على أرض زراعية ..
وسط الاراضي بتاعته..
اللي بعيدة عنا حوالي نص ساعة مشي..
وان صاحبه ده في السجن دلوقتي علشان قتل أتنين رجالة ..
قال أنهم كانوا عايزين يسرقوا البيت ..
قلتله وانا مستغرب ..
يعني كان بيدافع عن نفسه وبيته..
ليه يتسجن؟
رد ياسين وقال بلهجته الصعيدية..
اتسجن علشان الإتنين دول كانوا ميتين في فرشتهم وسط بيوتهم..
والغريب ان محدش حس ب جابر ساعة القتل لا في البيوت دي ولا حتى نسوانهم اللي كانوا نايمين على نفس الفرشة..
اللي حصلهم حالة فزع لما قاموا من النوم علشان يلاقوا نفسهم نايمين في برك دم ..
وان كل واحدة فيهم شايفة الراجل بتاعها صدره مفتوح بضربة فاس..
انا بسمع كلام ياسين بإهتمام لكن لسه مش لاقي ربط للأحداث بمنطقية..
سألته طب إزاي اتعرف ان جابر هو القاتل؟
ياسين ضحك وقال ..
جابر ده اللي مش فاهم حصله إيه ..
الناس اللي ارضهم جنب أرضه لاقوه ماسك فاس وبيقول انا اللي قتلت فلان وفلان..
كانوا عايزين يسرقوني..
عايزين يهدوا بيتي..
وبقا على الحالة دي لحد ..
ما الحكومة جت وقبضوا عليه ..
كلام جابر متغيرش..
انهم كانوا عايزين يسرقوا بيته ويهدوه..
جابر كان شاب عنده ٣٨ سنة مش متجوز ..
أبوه مات وسبله اراضي يراعاها...
عيلتهم مش كبيرة معظمهم شغالين في مصر ..
بس من اليوم ده وفيه ناس كتير اختفت ..
كانت فيه ست كبيرة قاعدة لوحدها في بيت صغير قُرب الأراضي الزراعية..
الست دي اختفت ومالهاش أثر مع ان عمرها ما خرجت برا البلد ..
ياسين وصفلي ملامحها بالظبط وقالي ان تحت عينيها في وحمة سودة واضحة..
وكمان قالي عن بنت صغيرة إسمها وردة ..
اللي البلد كلها اتقلبت عليها لأنها عاجزة مبتتحركش ..
عشان كده الناس بتقول ان دي حالات خطف ..
بس فيه ناس قليلة عارفه ومتأكدة ان السبب هو بيت جابر..
حطيت إيدي على كتف ياسين وقلتلوا وصلني
للبيت ده حالاً..
الساعة كانت داخله على واحدة بعد نص الليل ..
قالي لا الليلادي مش هينفع خليها الليلة الجاية..
سألته ليه؟
قال..
علشان السما مفيهاش قمر الليلادي ينورها واحنا هنمشي في اراضي زراعية ..
قلتله يعني بكره اللي هيبقى بدر ..
قال بكره نكون اشترينا كشاف .. قلت ماشي ..
كنت تعبان ونمت ..
معداش شوية ولاقيت ياسين بيصحيني وبيقولي
كريم يلا يا كريم ..
دعكت عيني وقلتله ايه يابني بعد ما بصيت في ساعتي لاقيتها اتنين ونص بالليل ..
يلا على فين؟
هوديك بيت جابر دلوقتي قوم ..
انت مش قلت بكره ..
انا جيبت كشاف يلا بقا قبل ما حد في البيت يصحى..
مشي ياسين وانا معاه لحد ما وصلنا لمكان ..
شايفين الأراضي الزراعية حوالينا في كل حتة..
نور القرية الخفيف باين من بعيد ..
مشينا في أرض مزروعة ذرة..
كنت كل شوية أوقف ياسين علشان كنت حاسس ان فيه ناس كتير ماشية معانا..
شباك العناكب اللي بيلزق في وشي ده يوتر لوحده ..
أول مرة أحس بخوف كده ..
لحد ما عدينا الأرض دي ..
ووصلنا للبيت ..
بيت جابر!!
لما قربنا ياسين اداني الكشاف وقالي هستناك هنا ..
قلتله انا داخل أجرب حاجة ..
وهخرج على طول ..
مش هطول ..
البيت فعلاً شكله مخيف وسط الأراضي الزراعية دي ..
ليه باب و شبابيك خشب باين عليهم الخراب والتكسير ..
اكيد أطفال البلد اللي بيوصلوا لحد هنا بيحدفوا عليه طوب وهما بيلعبوا ..
باب خشب قديم مفتوح فتحة صغيرة ..
زقيت الباب ودخلت ..
لاقيت صالة وفيه أبواب ل ٣ غرف مقفولين..
الريحة كانت مقرفة جداً ..
وجهت الكشاف للغرفة الأولي فتحت الباب ودخلت..
علشان ألاقي أوضة فاضية مش موجود فيها غير نسيج العناكب والتراب وصورة قديمة متعلقة على الحيطة تقريباً ل جابر صاحب البيت او لأبوه..
خرجت منها ودخلت الغرفة اللي بعدها ..
كان فيها سرير عليه هدوم كتير وفيه كنبة في الركن اليمين للغرفة ..
قعدت عليها ..
كنت حاسس ان دي الغرفة اللي انا عايزها..
خصوصاً لما حسيت بلسعة برد وشميت ريحة حاجة بتتحرق ..
خدت نفس عميق..
وعملت اكتر حاجة مجنونة ممكن حد عاقل يعملها في الوقت ده..
وهي اني قفلت نور الكشاف..
كسرت هدوء الضلمة المرعبة دي وقلت بصوت فيه نبرة ثقة ..
انا كريم بن آدم ..
طالب اني أتواصل لمعرفة عالمكم ..
انا عارف إنكم موجودين معايا هنا ..
سكت شوية وانا عيني ابتدت تشق الضلمة وتميز وجود أطياف بتتحرك قدامي..
انفاسي ابتدت تبقى سريعة ..
حاولت اهدى لكن اللي حصل خلاني كتمت أنفاسي نهائي..
لما حسيت ان حاجة تقيلة قعدت جنبي على الكنبة ..
مبقتش عارف أتصرف إزاي ..
اتكلم والا لأ ..
جسمي كله اتشل ..
حسيت بهدوم بتترمي عليا ..
كنت مستني أسمع أي صوت ..
لكن كل اللي كنت بسمعه همسات.. وصراخات..
الكشاف كان لسه في إيدي..
وجهته للشئ اللي قاعد جنبي على الكنبة..
علشان اتفزع لما أشوف ..
الست الكبيرة اللي حكالي عنها ياسين..
موجهة عينيها البيضا عليا وانا ببص للوحمة اللي تحتهم في رعب ..
كنت خلاص بفكر في الجري والخروج من البيت ده ..
لكني اتجمدت مكاني لما حسيت بإيديها على رجلي وبتقول بصوت خشن طلبك هيتنفذ في الغرفة التالتة..
وبدون وعي لاقيتني واقف قدام الغرفة التالتة..
فتحت الباب ودخلت ..
الغرفة مختلفة عن باقي الغرف..
نضيفة ومترتبة حيطانها كأنها بتشع نور ..
فيها سرير مزخرف بلون الدهب..
ريحتها حلوة اوي ..
كل ده شجعني إني ادخل واقرب أكتر ومشغلش بالي بالباب اللي اتقفل ورايا أول ما دخلت..
وفي وسط الجمال ده كله خرجت من ورا الستاير واحدة جميلة جداً ..
كل مواصفات الجمال اللي خطرت على بالي في يوم لاقيتها فيها ..
قعدت على السرير وشاورتلي بإيديها ان أقرب منها ..
اترددت وفضلت واقف مكاني..
قلتلها انا عندي أسئلة عايز إجابة عليها ..
في الأول انتي مين؟
قالت انا مرأة جابر ..
قلت بإستغراب ..
لكن انا عرفت إن جابر مش متجوز..
قالت جابر مش متجوز من الإنس!!
متجوزني انا!!
طب ليه سبتيه يقتل ويدخل السجن ..
علشان هو أنسي غبي ..
راح حكى قصتنا للإتنين دول ..
وكان لازم السر ده يموت معاهم..
سكت شوية حاولت مظهرش خايف لكني مرعوب من جوايا ..
كنت عايز أسألها عن عالم الجن ..
لكنها قالت قبل ما اسألها ..
احنا عالمنا هو عالمكم بس احنا بنخليه جميل اكتر زي ما انت شايف ..
كررت طلبها وقالتلي تعالى يا كريم ..
اتحركت ليها ولما قربت خلاص اكون جنبها..
شوفت جمالها ده بيختفى وبتظهر بشكل مخيف راس كبيرة وعينين واسعة وباقي الجسم صغير ولونه رمادي لكن في لحظة اتحولت ل أفعى ..
في اللحظة دي الأنوار أطفت حسيت بحاجة بتمسكني من رجلي ..
كان صوت طفلة فتحت الكشاف علشان أشوف طفلة بتزحف على الأرض في منظر مخيف وقف قلبي.. بتشدني من رجلي وبتقولي لازم تخرج من هنا ..
مكنتش فاهم حاجة بس خرجت انا والطفلة دي ..
لما خرجنا من الباب سألتها انتي مين؟
قالت انا وردة..
واختفت..
بصيت على الغرفة اللي خرجنا منها مرة تانية..
فتحت الباب ..
كانت مفاجأة انه مفيش أي غرفة ..
ده حمام البيت!!
انا كنت بعمل ايه في الحمام الوقت ده؟!
وفين الغرفة الجميلة اللي كنت فيها؟!
سمعت صراخ وضحك وكلام مش مفهوم ..
وفي لحظة شوفت ياسين خارج من تاني غرفة ..
جريت عليه وقلتله انت ايه اللي دخلك هنا؟
قال دخلت أدور عليك لما غيبت ..
أتمنى تكون عرفت اللي انت عايزه ..
يلا امشي من هنا ..
انت لازم تخرج حالاً ..
مسك إيدي وجرينا ناحية الباب لكن اللي حصل إني خرجت لوحدي..
بتلفت حوليا وانا بنادي على ياسين..
خبطت على الباب البيت كتير لكنه اتقفل وكأنه اتحول لباب فولاذ..
مكنتش عارف أتصرف إزاي..
كنت لازم أطلب مساعدة من حد ..
رجعت على بيت ياسين..
احكي اللي حصل لأخوه الكبير واطلب مساعدته..
مشيت وانا ميت من الخوف على ياسين خايف يجرله حاجة في البيت ده..
كنت كل خطوتين ابص ورايا على البيت المخيف يمكن اشوف ياسين وهو خارج ..
لحد ما وصلت لبيت ياسين وقت أذان الفجر ..
قعدت أرتاح على مصطبة قدام البيت قعدت عليها وانا بفكر في كل اللي حصل ..
خايف ليكون ياسين جراله حاجة ..
ادخل لأهله اقولهم ايه دلوقتي ..
شوية ولاقيت باب البيت بيتفتح أخو ياسين خرج ..
أول ما شافني قال ..
انت مين؟
قلتله انت بركات أخو ياسين ..
بص بإستغراب وقال ايوا وانت صاحب ياسين ..
هو مين اللي قالك؟
تعالى نصلي الفجر ونرجع اهلاً وسهلاً ..
قلتله ماشي بس لازم نلحق ياسين..
ياسين كان معايا في بيت جابر ولما جينا نخرج الباب قفل عليه وهو جوه ..
احنا لازم نرجع البيت ده حالاً يا بركات ..
بركات واقف بيبصلي وباين على ملامحة صدمة انه مش فاهم حاجة ..
قلتله يا بركات هفهمك كل حاجة في الطريق بس لازم نلحق أخوك..
بركات مسك إيدي وحط أيده على دماغي وقالي ..
انت روحت بيت جابر ..
قلتله ايوا لسه جاي من هناك ..
قال طب يلا نصلي الفجر وكملي الحكاية في الجامع..
مشيت وانا مش عارف هو قلبه جامد والا هو ماله مش خايف على اخوه ليه كده ..
بعد الصلاة بركات جاب شيخ وجه قعدت معايا وقال.
احكيلنا يا كريم كل اللي حصل معاك من أول ما نزلت البلد ..
حكيت كل حاجة من أول حكايات ياسين عن البيت واحنا في الجيش لحد ما جيت إمبارح وروحنا البيت انا وياسين وإنه معرفش يخرج معايا ..
بركات والشيخ بصوا لبعض وبعد كده بصولي ..
بركات قالي..
كريم انت متأكد من اللي انت حكيته ده ..
قلتله زي مانا متأكد اني قاعد معاكم دلوقتي ..
بركات رد وقال ..
يا كريم ..
ياسين أخويا مات من إسبوع..
ناس بتقول إنهم شافوه وهو داخل بيت جابر بس محدش لحقه يومها اتهور وراح يدور على طفلة إسمها وردة في البيت لوحدة ..
غاب يومين وبعد كده لاقيناه في مصرف المياه جثة!!!!!
انا مصدوم وانا بسمع كلام بركات..
ازاي ياسين ميت ..
امال مين قابلني أول ما جيت؟
يعني انا روحت البيت لوحدي؟
فهمت انه مكانش ياسين اللي خدني للبيت ..
وان دي طريقة البيت لجذب الناس ليه واختفائهم..
بس ازاي انا قدرت أخرج ..
ممكن علشان انا مش من أهل البلد ..
قطع حبل الأسئلة في دماغي بركات والشيخ لما
قال ..
انه اتفق مع عائلات القرية انهم هيهدموا البيت ده في أقرب وقت ..
وبالنسبة للاسئلة اللي في دماغي عن للجن ..
قال الشيخ بلغته العربية الفصحى ..
ينبغي أن تعلم يا أخ كريم أن الله تعالى أخبرنا عن الجن و غيرهم من المخلوقات بما ينفعنا ، وما كتمه عنا فلا حاجة لنا في معرفته ، ولو كانت معرفته ضرورية لنا لأخبرنا الله تعالى به ، ولذلك ينبغي عدم التكلف في مثل هذه المسائل ، والبحث عن غوامضها التي لا تعلم إلا بالوحي..
إبتسمت للشيخ بعد أن اقتنعت بكلامة..
وكمان لانى عرفت جواب سؤالي في بيت جابر ..
الجن بيعيش معانا في عالمنا ده ..
لكنه بيعيش في الأماكن الخراب القذرة ..
وانهم أقوام زينا.. مسلمين وغير مسلمين..
وبيتقسموا لقبائل وجماعات والله أعلم بيهم ..
وزي ما قال الشيخ ..
ان معرفتهم وطريقة حياتهم مش هيفدوني بشئ..
سلمت على بركات وعزيته في ياسين ورجعت في نفس اليوم ..
دخلت اوضتي ونمت من تعب السفر ..
علشان اقوم مفزوع على صوت الجنية اللي شوفتها في بيت جابر وهي بتقول ..
انا هفضل جنبك يا كريم..
مش هسيبك!!!
يأما تعوض مكان جابر يأما انا قلتلك انا بعمل ايه في اللي عرف سري معاه !!!
تمت
بيت_جابر
محمد_خالد_رزق