الكفيفة - اليك القصة
الكفيفة - اليك القصة
الكفيفة
(قصة حقيقة)
قبل قراءة تلك القصة لا تنتظر ان تقراء الكثير من الأحداث المرعبة و الدموية و المفزعة ، فقصة اليوم و كما اعتدت معكم على الصراحة دائماً هى قصة حقيقية بنسبة ١٠٠% و بالنسبة لتصديقك عزيزي القارئ من عدمه فهذا لن يغير في الواقع بشئ ، فقصة اليوم هى حدثت و تحدث و ستظل تحدث الى أن يوضع نهاية لها .........
تبدء أحداث (حكاية) اليوم من دردشة عفوية بيني و بين صديق لي يدعى أمجد ، أمجد صديقي من أصول ريفية و لكنه يعيش بالقاهرة و عن الطريق الصدفة روى لي تلك القصة عندما اجتمعنا سوياً على ذلك المقهى الذي اعتدنا الجلوس به سوياً لنتبادل أطراف الحديث و دار الحديث بيننا كالأتي ....
قال أمجد و هو يبتسم ابتسامة خفيفة ....
- تعرف يا محمد ، انت من كتر العفاريت اللي بتكتب عنهم خلاص هتتجنن ...
- يا عم فال الله ولا فالك ، انت خلاص هتخليني مجنون علشان بكتب عنهم ، و بعدين يعني سواء انا كتبت عنهم او غيري كتب عنهم او حتى لو محدش كتب خالص ف هم كده كده موجودين ولا انت مش بتؤمن بوجودهم ؟؟
اعتدل أمجد في مقعده و نظر لي بتركيز و قال ...
- والله يا محمد انا اكتر واحد مؤمن بوجود الجن و العفاريت و خصوصاً بعد اللي حصل مع الحاجة امينة ...
- الحاجة امينة مين ؟؟؟
- الحاجة امينة دي تبقى اخت جدتي ، الست دي كفيفة و من يوم ما انا وعيت على الدنيا و هى الكفيفة و مش بتشوف ....
- طب و ايه الغريب ف كده ؟؟؟
- الغريب ان الست دي كانت بتشوف زيِ و زيك لحد ما ف يوم من الأيام حصلتلها حاجة غريبة اوي ..
- حاجة ايه ؟؟؟ ، و كمل الكلام و احكي مرة واحدة .
- يا سيدي هحكيلك هحكيلك بس المشكلة ان انا مش متذكر اللي حصل اوي ، كل اللي انا فاكره انها كانت نايمة ف اوضة ف بيت جدي و جدتي و اثناء ما هى نايمة طلعت عليها عفريته و حدفتها بحفنة تراب ف عينيها و ده كان سبب انها تبقى كفيفة .
- أمجد بقولك ايه ؟ ، هى الست دي عايشة ؟
- اه عايشة هى و جدتي و كمان بيت جدي لسه موجود فالبلد زي ما هو و لسه الأوضة موجودة لحد النهاردة ، بس عاوز اقولك ان الأوضة من بعد اللي حصل محدش بيدخلها بالليل و لا حد بقى بينام فيها ، بس غريبة انت بتسأل ليه ؟
- اصل انا عاوز اروح اشوف الست امينة دي و اسمع الحكاية منها ، ده لو ينفع يعني ؟؟
- ده يوم الهنا يا صديقي ، عموماً شوف انا هسافر البلد يوم الجمعه الصبح ف انت اعمل حسابك انك هتيجي معايا .
- تمام بس همشي ف نفس اليوم .
- ماشي يا سيدي هتمشي ف نفس اليوم و بعدين كده كده المسافة من هنا لبني سويف ساعتين زمن .
- تمام ، يعني اعمل حسابي اننا هنسافر بعد بكره الصبح ؟
- ايوه يا سيدي و انا هاخدك و هخليك تسمع بودنك و تشوف بعينك كمان ، بس متنساش لما تكتب القصة تبقى تفتكر اخوك بكلمتين .
- حاضر يا أمجد ، هكتب فالقصة ان أمجد هو قاهر الاشباح و العفاريت و ان هو اللي قتل العفريته ، حلو كده ؟
- عفريته ايه يا محمد اللي قتلتها ، انت هتهرج ؟! ،لا يا جدع ، انت تكتب هذه القصة على لسان الاستاذ المحترم امجد بيه محمود .
- استاذ و محترم ؟؟؟!
- ايه عندك اعتراض ؟
- لا لا يا سيدي اللهم لا اعتراض ، ان كان لك عند أمجد حاجة قوله يا محترم .
- ها هتقبح ، هحلف انِ مش هاخدك معايا .
- لا لا على ايه خلاص خلاص ، اللهم لا اعتراض .
تبع حديثنا موجة من الضحك المتواصل الممزوج ببعض الكافيين و النيكوتين كالمعتاد حتى انقضى بعض الوقت و ذهب كل منا الى منزله و لكن بقينا على اتصال حتى أتى يوم الجمعه المشهود و كنت على موعد مع أمجد في الثامنة و ثلاثون دقيقة صباحاً بمحطة مصر ، وصلت أنا في الموعد المحدد و تأخر أمجد بعض الوقت لكنه أتى في النهاية ثم بعد نصف ساعة كنا في قطار وجه قبلي المتجه الي بني سويف و بعض اقل من ساعتين و صل القطار الى محطة بني سويف ، كانت الساعة تقترب من الحادية عشر ، الشوارع هادئة ، تكاد تخلو من المارة و اثناء سيرنا استوقف أمجد سيارة أجرة كي تقوم بتوصيلنا الى القرية التي بها منزل جد أمجد ، أخذت السيارة في الطريق حوالي نصف ساعة و لكننا و لله الحمد أصبحنا بالقرية أخيراً ، كانت قرية ريفية بسيطة ، معظم أراضيها يفترشها اللون الأخضر ، الرجال يرتدون العمم و الجلاليب و يبدو على ملامحهم الطيبة و الوقار ، ترجلنا أنا و أمجد لمدة دقائق حتى وصلنا الى المنزل و عندما وصلنا استقبلنا الحضور بالترحاب ، لكن ما ادهشني هو عدد الأفراد المقيمين بالمنزل إنهم يتخطون ال ١٠ أفراد بين أولاد عم و أخوة و أقراب جميعهم يعيشون بذلك المنزل الذي يبدو و أنه منزل عائلة ، و كان على ما يبدو بأن عم أمجد الكبير هو كبير تلك العائلة و هو الذي كان في استقبالنا و هو الذي قال ل أمجد ....
- خد صحبك و اطلعوا الاوضة بتاعتك و اديله جلابية من جلاليبك اللي ف الدولاب و بعد كده انزلوا علشان نروح نصلي كلنا الجمعة و بعد كده نرجع نفطر سوا و بقية اليوم ابقوا اعملوا اللي انتوا عاوزينه ....
و بالفعل نفذنا ما قاله كبير العائلة و بعد أداء صلاة الجمعة و بعد التجمع على الافطار أتجه كل فرد من العائلة الي مكان ما و على الأرجح كان الجميع خارج المنزل فاليوم هو يوم أجازة من العمل و الجميع يكون خارج المنزل في ذلك اليوم ، لكن أنا و امجد لم نخرج من المنزل و هنا قال لي أمجد ....
- بص يا سيدي انا دلوقتي هاخدك افرجك ع البيت و بعد كده هندخل لجدتي أوضتها و هى تحكيلك ..
- طب و الست امينة ؟؟؟
- الست أمينة هتلاقيها ف اوضتها برضه و دي هنروح لها بعد ما تسمع من جدتي ..
و بالفعل تنقلت انا و أمجد في المنزل و أنا كنت اشاهد ساحة المنزل و أشكال الغرف و انا مبهوراً ، كان منزل كبير او كما يطلقون عليه في الريف المصري ( دوار ) به الكثير من الغرف ، مكون من ثلاثة طوابق و في باحة المنزل او بالدور الارضي يوجد ثلاثة غرف مغلقين و عندما سألت أمجد عنهم قال لي إن غرفتان منهم لتربية المواشي و الطيور و الغرفة الثالثة هى الغرفة التي حدث بها ما حدث ل للحاجة امينة ، و بعد أن رائيت المنزل جيداً دخلت أنا و أمجد غرفة جدته و التى رحبت بنا و قابلتنا بالأبتسامة العريضة و قالت ل أمجد ...
- فينك يا واد محدش بيشوفك كتير ليه ؟ ، ولا انت ارتحت ف مصر و مبقتش عاوز تشوف اهلك ؟؟
- والله يا جدتي الشغل و الحياة بتلهي الانسان بس انا مقدرش أبعد عنكوا ..
نظرت لي جدة أمجد و ابتسمت و قالت ل أمجد ...
- مش تعرفنا يا ابني على صاحبك ؟
رد أمجد بخجل و قال .....
- د د د ددده محمد صحفي ، صحبي .
ابتمست ابتسامة خفيفة و نظرت لها ثم قلت ....
- الحقيقة يا حاجة انا صديق أمجد ، و أمجد كان حكالي عن حكاية الست امينة و اللي حصلها زمان بس هو مش فاكر اللي حصل اوي ف عشان كده انا جيت علشان اسمع من حضرتك و منها .
نظرت لي و قالت ....
- بص يا ابني علشان انت صاحب أمجد ابن ابني و كمان علشان انت صريح و قولتلي اللي انت عاوزه من غير لف و دوران أنا هحكيلك و بعد ما احكيلك هخلي أمجد ياخدك ل أوضة أمينة أختي و هى هتأكدلك كلامي .
أخرجت بعض الاوراق و القلم و قلت لها ...
- اتفضلي احكي يا حاجة و انا هكتب اللي حضرتك هتحكيه ..
و بالفعل تحدثت هى و بدأت انا بالكتابة .....
- من يجي ٥٠ سنة كده كان جوزي لسه اللي هو جد أمجد لسه عايش ، و كنا متعودين دايماً كل يوم جمعة أخواتي و اخوات الحاج الله يرحمه بيتجمعوا عندنا فالبيت و يناموا لحد تاني يوم يعني بيقضوا اليوم كامل معانا ، و البيت زي ما انت شايف يعني كبير و يساع من الحبايب ١٠٠٠ ، كان مسموح لنا أننا ننام ف كل أوضة فالبيت إلا أوضة الخزين و لما سألت الحاج أول ما جيت البيت ليه محدش بينام ف الاوضة دي قالي أن الاوضة دي كانت بتقعد فيها الست اللي كانت صاحبة البيت قبل ما الحاج يشتريه و كان الحاج بيحكي و يقول ان الست دي كانت بتفضل قاعده ف الاوضة دي ب الأيام و مبتخرجش منها و يدوب ولادها يدخلولها الاكل و الشرب لحد ما ف يوم تعبت اوووي و جابولها دكاترة لكن مكنش فيه فايدة و كانت خلاص بتموت و قبل ما تموت وصت ولادها وصية غريبة اوي محدش يعرف سببها لحد النهاردة و الوصية دي كانت ان محدش يدخل الاوضة ف الليل يعني ( من بعد نص الليل لحد أذان الفجر ) و ممنوع نهائياً حد ينام فيها و كل اللي مسموح بس أنها تبقى اوضة خزين يتحط فيها الاكل و الفاكهة و بس ، بعد ما ماتت الست ولادها باعوا البيت للحاج و هم بيبعيوا البيت حكوا للحج و قالوله و فعلا التزمنا بالكلام و خلينا الاوضة دي اوضة خزين و بس و الغريبة يا ابني اننا لما كنا بنخزن فيها الفاكهة او القصب او او او .. كنا بنلاقي كل حاجة زي ما تكون لسه خارجة من الارض طازة و عمرنا ما خزننا فيها خزين و فسد ابداً ، لحد ما ف يوم جمعة كانوا اخواتي و اخوات الحاج نايمين عندنا فالبيت و الله يسامحها بقى اختي امينة الصغيرة كانت وقتها عندها ٢٥ سنة ، أصرت أنها تنام ف الاوضة دي لأن درجة الحرارة ف باقي الأوض عالية جدا ، ساعتها كلنا قولنا لها لأ ، لكنها غضبت و قالت ان احنا بنخرف و ان مفيش حاجة هتحصل و ان محدش جرب ينام ف الاوضة قبل كده علشان يشوف إذا كان فيها حاجة ولا لأ ، و فعلا يا ابني نامت ف الاوضة و بعد نص الليل بحوالي ساعة خرجت تجري من الاوضة و هى حاطة ايديها على وشها و بتصرخ و بتقول ( الشيخة خضرة عمتني ، الشيخة خضرة عمتني ) ....
قاطعت جدة أمجد و قلت لها ...
- مين الشيخة خضرة يا حاجة ؟
اكملت حديثها قائلة .....
- الشيخة خضرة دي الست اللي كانت صاحبة البيت و سموها شيخة لأنها كانت فحالها و مبتخرجش من اوضتها ، المهم يا ابني كنا فالليل و صوت صراخ امينة خلى الناس تتلم و ساعتها خدناها للوحدة الصحية و منها للمستشفى العام لكن كل الاطبا قالوا ان نظرها راح و انها خلاص مش هتشوف تاني أما بقى لو عاوز تعرف هى شافت ايه ف خلي أمجد ياخدك اوضتها و هى تحكيلك بنفسها ، بس يا ابني متسألهاش كتير و متضغطش عليها لأنها لحد النهارده تعبانة من اللي شافته و ربنا يكفيك يا ابني شر ان نعمة من نعم ربنا عليك تروح منك و خصوصاً لو نعمة النظر ....
أنهيت حديثي مع جدة أمجد ثم بعد ذلك أتجهنا الى غرفة الحاجة امينة و التي كانت تجلس على سريرها و عندما دخلنا تحدث أمجد إليها و رحبت به و تحدثت انا و رحبت بي أيضاً و لكن ما كان يدعو للشفقة هو عيون تلك السيدة المسنة و التي كانت بيضاء تماماً ، حقاً دام الله علينا نعمه و خاصةً نعمة النظر ، جلست أنا و أمجد بجواراها و بدأ أمجد في الحديث و قال لها بأنني أريد أن أعرف ماذا حدث بتلك الغرفة ليلة فقدانها لبصرها و لحسن حظي بدأت السيدة بالحديث فوراً دون انزعاج و قالت .....
- بص يا ابني ، بيقولوا ان العند بيورث الكفر ، و انا كنت عندية و كنت دايماً بحب كلامي هو اللي يمشي و مكنش بيهمني حاجة ولا بهتم برأي حد و دايماً اللي انا عاوزاه كنت بعمله لحد ما ف يوم جمعه و كالعادة كنت انا و اخواتي متجمعين عند اختي الكبيرة و جوزها و ف اليوم ده الجو كان حر جدااا و أصريت يومها أن انا أخد مرتبة و أنام ف اوضة الخزين لأنها كانت فاضية فاليوم ده و كمان كانت رطبة و فيها هوا و كمان لأن انا كنت عاوزة أعرف ايه السر اللي مخليهم مبيدخلوش الاوضة فالليل و بعد إلحاح و مناهدة مع الكل نمت فالأوضة و أول ما غمضت عيني سمعت صوت خبط على الحيطان ، قومت شغلت اللمبة اللي ف الاوضة و أول ما شغلت اللمبة لقيت قدامي ست عجوزة لابسة عباية لونها ابيض لكن التراب اللي عليها مخلي لونها يميل الى الرمادي ، الحقيقة الست كانت ملامحها عادية و ماكانتش عفريتة ولا شكلها يخوف لكن بصت لي و قالتلي ... ( مش انا قلت محدش ينام ف الاوضة ولا يدخلها فالليل ؟؟ ) .... بصراحة يا ابني انا بصيت لها و زعقتلها و قولتلها ( و انتي مين ان شاء الله علشان تقوليلنا ننام فين ولا ماننامش فين ، البيت ده بتاعنا و ننام مكان ما نحب ) .... انا يا ابني اول ما خلصت كلامي لقيت شكلها أتغير و ملامحها بدأت تتغير و كأن جلد وشها بيسيح و بيتسلخ و لقتها رجعت لورا شوية و وطت على الارض و مسكت شوية تراب بأيديها و رمتهم على وشي و قالت ( ده جزاة كل اللي هيدخل الأوضة فالليل ) ..... أول يا ابني ما حدفت التراب على وشي حسيت زي ما يكون نار و دخلت جوه عيني ، ساعتها فتحت الباب و خرجت اجري على بره و من يومها لحد النهارده و الدنيا بقت ظلام ، مبقتش اشوف غير السواد و شوية أحلام بشوف فيها خضرة و هى بتقولي ( لو حد دخل الأوضة فالليل ، هتاخد نظره ) ....
أنهت السيدة أمينة روايتها و خرجت انا و أمجد من الغرفة ثم تناولنا وجبة الغداء بعد صلاة العصر و اثناء تناول وجبة الغداء أكد لي الجميع صدق رواية السيدة أمينة و أكدوا لي ايضاً بأن لا أحد يجرؤ حتى الأن على الدخول الى تلك الغرفة بعد منتصف الليل و كأن المنزل ينقص غرفة ليلاً ، أنتهى اليوم و عدت الى القاهرة أنا و أمجد و ها انا أكتب لكم ما حدث و كما روى أصحاب القصة ، و يبقى في ذهنك و ذهني عزيزي القارئ الكثير من التساؤلات أبرزها ، لماذا لم يأتي شيخ الى تلك الغرفة و يقراء بها القرأن ؟؟ ، و لماذا أصبحت المدعوة ( خضرة ) بتلك الغموض حتى بعد مماتها ؟؟؟ ، كل تلك الاسئلة و أكثر لم اجد لها اجابات ولا تفسيراً منطقياً لا في خيالي ولا من أهل المنزل و لكن ما وجدته هو سيدة مسنة كفيفة ......... تمت
محمد_شعبان
العارف
لا توجد تعليقات حتى الآن "الكفيفة - اليك القصة"
إرسال تعليق
ملاحظة للجميع